ـ لا يعلم الغيب إلا الله تعالي ـ
قبل أيام من نهاية كل عام يخرج علينا بعض الأشخاص الذين يدعون قدرتهم علي التنبؤ بأحداث العام الجديد، وتحرص وسائل الإعلام علي إستضافة هؤلاء، نتيجة إقبال المواطنين علي البرامج التي تخصص لتنبؤات العام الجديد، وما بين التنبؤ بكوارث طبيعية وحروب وصراعات سياسية ووفاة بعض المشاهير وخسائر لرجال أعمال وطلاق وزواج وغيرها من هذه التنبؤات، أكد علماء الدين أن تصديق ما يردده العرافون وأمثالهم يعد من المعاصي والكبائر.
وأوضح العلماء أن النبي الكريم نهي عن ذلك في قوله: «من أتي كاهنا فصدقه بما يقول فقد برئ مما أنزل علي محمد، ومن أتاه غير مصدق له لم تقبل له صلاة أربعين ليلة»، وشدد العلماء علي أن الغيب بيد الله عز وجل، وأنه سبحانه لا يظهر علي غيبه أحد، كما جاء في القرآن الكريم: {عالم الغيب فلا يظهر علي غيبه أحدا} [الجن:26]، فكل ما يقوم به هؤلاء يخالف تعاليم الشريعة.
¤ مــن الكبـــائر:
وقال الدكتور عبد الفتاح إدريس أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، إن رغبة الإنسان في معرفة ما يخبئه له المستقبل، قد تدفعه إلي سلوك السبل التي قد يظن أنها توصله إلي ذلك، ومن الأمور التي يحرص كثير من الناس علي قراءتها، والإستبشار أو التشاؤم بما جاء بها، ما كتب أمام الأبراج في الصحف أو المجلات، وقد دعا ذلك بعض من يدعون معرفة طبائع الأبراج وأصحابها، إلي تأليف كتب عن طبيعة هذه الأبراج، وطبائع أصحابها، والأيام والأزمنة التي تؤثر في حياتهم سلبا أو إيجابا، والسلوك الذي ينبغي أن يسلكه هؤلاء في حياتهم، حتي يتحقق لهم ما أرادوا منها، وفئة غير قليلة من الناس تتردد علي العرافين ومن يدعون إستجلاء الغيب عن طريق قراءة الكف، أو فتح الكوتشينة، أو قراءة الفنجان، وكل هذه الأمور من الكبائر، ومن يعتقد صدق هؤلاء فيما يخبرون به، ويؤمن بقولهم فهو كافر، وقد نهي الرسول الكريم عن إتيان الكهان والعرافين ومن كان علي شاكلتهم، فقد روي عن معاوية بن الحكم السلمي قال: قلت: يا رسول الله إني حديث عهد بجاهلية وقد جاء الله بالإسلام، فإن منا رجالا يأتون الكهان، قال: «فلا تأتهم»، وكل هذا وغيره دليل علي حرمة ممارسة الكهانة والعرافة ونحوهما، وحرمة التماس معرفة الغيب عند أحد منهم أو من غيرهم.
¤ الغيب بيد الله:
وأضاف: إن الكهانة إدعاء علم الغيب، والإخبار بما سيحدث في المستقبل مع إسناد ذلك إلي سبب معين، والعرافة: ادعاء معرفة الأمور بمقدمات يستدل بها علي مواقعها من كلام من يسأل أو فعله أو حاله، والفرق بين الكاهن والعراف أن الكاهن يخبر عما يحدث في المستقبل من الأمور الغيبية، وقيل: إنه يخبر عما حدث في الماضي كذلك، وأما العراف فإنه يخبر عن الأمور الغيبية الواقعة، أي التي حدثت في الماضي فقط، ونقرر حقيقة شرعية وهي: أن الغيب لا يعلمه إلا الله تعالي، وأدلة ذلك كثيرة منها قوله سبحانه وتعالي: {وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين} [الأنعام:59]، وقد بين الله تعالي أنه لا يطلع أحدا من خلقه علي هذا الغيب، إلا أن يكون رسولا إختاره الله تعالي لإخباره ببعض هذا الغيب، لأمر يتعلق بالرسالة التي كلفه بتبليغها، فقال عز وجل: {عالم الغيب فلا يظهر علي غيبه أحدا*إلا من ارتضي من رسول} [الجن:26-27]، وقال جل شأنه في آية أخري إن الذي يطلعه علي بعض الأمور الغيبية هو من الرسل وليس من غيرهم من سائر البشر وما كان الله ليطلعكم علي الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء، ومعني هذا أنه ليس بوسع بشر الآن أن يدعي معرفة الغيب، وما يدعيه من ذلك كذب صراح وإفك مبين مردود علي صاحبه.
¤ أمــور خرافــية:
وفي سياق متصل أكد الدكتور نبيل السمالوطي، أستاذ علم الاجتماع جامعة الأزهر، أن التنبؤات التي تقوم علي أساس علمي مثل التنبؤات الخاصة بالمناخ ومختلف العلوم، هذه تختلف عن التنبؤات التي يطلقها العرافون في بداية كل عام، لأن ما يقوم به هؤلاء يعد نوعا من الخرافة والدجل، مشيرا إلي أن الكلام الذي نشاهده في وسائل الإعلام حاليا، حول التنبؤ بالحروب والصراعات والأشخاص، فهذه مسائل خرافية، لأنها لا تقوم علي أي أساس، وهي أمور ما أنزل الله بها من سلطان، فكل التنبؤات خرافية فيما عدا التنبؤات القرآنية النبوية التي هي بوحي من الله عز وجل، أما العرافون والدجالون الذين يظهرون في وسائل الإعلام ويتحدثون عن تنبؤات العام جديد، وكل هؤلاء كاذبون.
الكاتب: نادر أبو الفتوح.
المصدر: جريدة الأهرام اليومي.